![]() |
الإبادة الجماعية لفلسطين: بين التصفية السياسية والمقاومة |
الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني: بين الواقع السياسي والمقاومة
المفارقة التاريخية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تشهد فلسطين حرب إبادة جماعية تتخذ أشكالاً متعددة، تتركز حالياً في قطاع غزة مع امتداد تدريجي إلى الضفة الغربية. هذه الإبادة ليست جسدية فحسب، بل تشمل أيضاً إبادة سياسية تهدف إلى تقويض أسس القومية الفلسطينية ومنع قيام كيان فلسطيني مستقل على أرض فلسطين التاريخية.
الإبادة السياسية قبل وبعد أكتوبر
قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت الإبادة السياسية للقضية الفلسطينية قد قطعت شوطاً كبيراً عبر مشروع التسوية الذي أدى إلى تحولات عميقة في الحركة الوطنية الفلسطينية. وقد أدت اتفاقية أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية تحت الاحتلال إلى إفراغ القضية الفلسطينية من مضمونها، حيث عمل الاحتلال على تقويض كل الإمكانات الفلسطينية البشرية والعمرانية والسياسية.
جاءت عملية "طوفان الأقصى" كرد فعل على هذه الحالة، محاولة كسر حالة الجمود التي كادت أن تصبح نهائية. لقد أرادت هذه العملية أن تقول "لا" للواقع الذي أصبحت فيه إسرائيل تفعل ما تشاء دون أي رد فعل عربي أو إسلامي ذي معنى، كما حدث عندما نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس دون أي عواقب تذكر.
الإبادة المادية واستغلال الاختلال في موازين القوى
بالرغم من صدمة السابع من أكتوبر، استغلت إسرائيل اختلال موازين القوة لتعميق سياسة الإبادة. فالإبادة الجسدية الحالية في غزة تقوم على أساس الإبادة السياسية السابقة لها. هذا الاختلال في موازين القوة يجعل الخيارات الفلسطينية أمام تحديات هائلة، حيث تأخذ موازين القوة اليوم شكل إبادة سياسية منهجية.
التعاون العربي مع المشروع الصهيوني
من أخطر تجليات الإبادة السياسية للقضية الفلسطينية ظهور تعاون عربي معلن مع الكيان الصهيوني. لم يعد هذا التعاون مقتصراً على أفراد، بل أصبح يشمل أنظمة سياسية كاملة. وقد ساهم المال العربي في بناء مؤسسات إعلامية تعمل على تحطيم القضية الفلسطينية وصرف الرأي العام العربي عنها، بالإضافة إلى استخدام النفوذ السياسي العربي لإضعاف الفلسطينيين.
الإبادة الأخلاقية وتحميل الضحية المسؤولية
من أبرز تجليات هذه الإبادة ما يمكن تسميته "الإبادة الأخلاقية"، حيث يتم في ذروة العدوان الإسرائيلي تحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية الجرائم التي يرتكبها الاحتلال. هذه الظاهرة غير مسبوقة في حجمها وطبيعتها، حيث يتم الهجوم على الطرف المعتدى عليه وتحميله مسؤولية جرائم المعتدي، حتى بعد انكشاف نوايا الاحتلال الحقيقية.
الخاتمة: تحديات المستقبل
تواجه القضية الفلسطينية اليوم تحديات وجودية غير مسبوقة، تجمع بين الإبادة الجسدية والسياسية والأخلاقية. في مواجهة هذا المشروع التصفوي، تبرز ضرورة إعادة بناء الاستراتيجية الفلسطينية على أسس جديدة تأخذ في الاعتبار كل هذه التحديات، مع الحفاظ على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني ووحدة قضيته العادلة.